responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 716
الْمَقْصُودُ مِنَ السُّؤَالِ زِيَادَةُ التَّوْبِيخِ وَالتَّخْجِيلِ، وَالْمَعْنَى مَا حَبَسَكُمْ فِي هَذِهِ الدَّرَكَةِ مِنَ النَّارِ؟ فَأَجَابُوا بِأَنَّ هَذَا الْعَذَابَ لِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ: أَوَّلُهَا: قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وثانيها: لم نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَهَذَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَا مَحْمُولَيْنِ عَلَى الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَالزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَذَّبُوا عَلَى تَرْكِهِ وَثَالِثُهَا: وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْأَبَاطِيلُ وَرَابِعُهَا: وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ أَيْ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ، أَيِ الْمَوْتُ قَالَ تَعَالَى: حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99] وَالْمَعْنَى أَنَّا بَقِينَا عَلَى إِنْكَارِ الْقِيَامَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ كَانَ مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ يُعَذَّبُونَ بِتَرْكِ فُرُوعِ الشَّرَائِعِ، وَالِاسْتِقْصَاءُ فِيهِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي «الْمَحْصُولِ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ» ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ أَخَّرَ التَّكْذِيبَ، وَهُوَ أَفْحَشُ تِلْكَ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ، قُلْنَا أُرِيدَ أَنَّهُمْ بَعْدَ اتِّصَافِهِمْ بِتِلْكَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَانُوا مُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَالْغَرَضُ تَعْظِيمُ هَذَا الذَّنْبِ، كَقَوْلِهِ: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَلَدِ: 17] . ثم قال تعالى:

[سورة المدثر (74) : آية 48]
فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ لِلْفُسَّاقِ بِمَفْهُومِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالُوا: إِنَّ تَخْصِيصَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُمْ لَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشافعين. ثم قال تعالى:

[سورة المدثر (74) : آية 49]
فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49)
أَيْ عَنِ الذِّكْرِ وَهُوَ الْعِظَةُ يُرِيدُ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ من المواعظ، ومعرضين نصب على الحال كقولهم مالك قائما. / ثُمَّ شَبَّهَهُمْ فِي نُفُورِهِمْ عَنِ الْقُرْآنِ بِحُمُرٍ نافرة فقال:

[سورة المدثر (74) : الآيات 50 الى 51]
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ، وَمُسْتَنْفِرَةٌ أَيْ نَافِرَةٌ. يُقَالُ: نَفَرَ وَاسْتَنْفَرَ مِثْلُ سَخِرَ، وَاسْتَسْخَرَ، وَعَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ، وَقُرِئَ بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الْمُنَفَّرَةُ الْمَحْمُولَةُ عَلَى النِّفَارِ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: الْكَسْرُ فِي مُسْتَنْفِرَةٍ أَوْلَى أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا هِيَ اسْتَنْفَرَتْ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَوَّارٍ الْغَنَوِيَّ، وَكَانَ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا، فَقُلْتُ: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مَاذَا؟ فَقَالَ: مُسْتَنْفِرَةٌ طَرَدَهَا قَسْوَرَةٌ، قُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ، قَالَ أَفَرَّتْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ فَمُسْتَنْفِرَةٌ إِذًا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَرَّتْ يَعْنِي الْحُمُرَ مِنْ قَسْوَرَةٍ. وَذَكَرُوا فِي الْقَسْوَرَةِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّهَا الْأَسَدُ يُقَالُ: لُيُوثٌ قَسَاوِرُ، وَهِيَ فَعُولَةٌ مِنَ الْقَسْرِ وَهُوَ الْقَهْرُ، وَالْغَلَبَةُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْهَرُ السِّبَاعَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
الْحُمُرُ الْوَحْشِيَّةُ إِذَا عَايَنَتِ الْأَسَدَ هَرَبَتْ كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا رَأَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَرَبُوا مِنْهُ، كَمَا يَهْرُبُ الْحِمَارُ مِنَ الْأَسَدِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْقَسْوَرَةُ، هِيَ الْأَسَدُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَخَالَفَ عِكْرِمَةُ فَقَالَ: الْأَسَدُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، عَنْبَسَةُ وَثَانِيهَا: الْقَسْوَرَةُ، جَمَاعَةُ الرُّمَاةِ الَّذِينَ يَتَصَيَّدُونَهَا، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لِلرُّمَاةِ لَا وَاحِدَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 716
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست